د.عادل الشجاع
لماذا هذا الإصرار من السعودية والإمارات على تمزيق اليمن ؟
الخميس 25 مايو 2023 الساعة 07:07

 

حسنا، تريدون أن تعيدوا التاريخ إلى الوراء وتعيدون دولة الجنوب ودولة الشمال، فلا بد إذا من استعادة نجران وجيزان وعسير، وعمان تستعيد الإمارات التي كانت جزءا من ساحلها، أم أنكم تريدون منا فقط أن نعود إلى ماضينا وتكرهون العودة إلى ماضيكم، الذي هو ماضي آخرون تم ضمهم بالقوة وبأنهار من الدماء، الماضي يقول، إن مناطق كثيرة ستقف في وجه نجد بوصفها القاعدة الشعبية التي سيطرت على هذه المناطق بقوة السلاح ولن تغفر لأهل نجد ما اقترفوه بحقها قتلا، ونهبا، وحرمانا، وتهميشا، إضافة إلى ما خلفته الوهابية من قاعدة تكفيرية للمناطق الأخرى، وإباحتها ونهبها، وقتل أهلها على قاعدة الفتوحات.

يبد أن السلطة الحاكمة الحالية في المملكة لم تحسن قراءة تاريخ تكوينها، فالمملكة وإن أخذت شكل الدولة، إلا أنها مازالت قائمة على الشكل المملوكي للسلطة، أي أنها سلطة في هيئة دولة، والذاكرة الوطنية مازالت قائمة على تاريخ الحروب التي خاضتها الأسرة الحاكمة خلال القرون القليلة الماضية، إضافة إلى الهوية الشيعية الواضحة والتي لم تندمج اندماجا وطنيا حتى الآن وستكون أقرب إلى الحوثيين في اليمن منها إلى الدولة الوطنية في السعودية وستشكل لبنة في جدار الهلال الشيعي.

ولسنا بحاجة إلى مزيد من التأكيد، بأن المملكة مازالت في نظر الأمريكيين تمثل بؤرة الشر، وهو ما تسعى إلى تأكيده الإمارات التي تنافس المملكة على قيادة المنطقة، ما نريد أن نقوله، إن السلطة المالكة في السعودية إذا ظلت في غيها ومضت في تفكيك الدولة اليمنية، فإن ذلك سيرتد عليها ولن تكون قادرة على حفظ وحدتها الداخلية ولا حتى على سلطتها التي أصبحت تعاني من شلل تام بعد تجريف فروع الأسرة ورجال الدين ورجال الأعمال الذين بهم كان التقاسم قائما.

إن استحداث حدود جديدة في اليمن، ستعيد اتفاقية الحدود اليمنية السعودية واليمنية العمانية إلى مربع الصفر وستخلق بالإضافة إلى ذلك حدودا جديدة، والمراهنة على استكمال رؤية ٢٠٣٠، لن تنجح بجناح الشباب والمرأة الذين يراهن عليهما ولي العهد محمد بن سلمان بديلا عن الأسرة ورجال الدين، إلا إذا كانت حدودها الجنوبية آمنة ومستقرة.

لست أدري لماذا تصر السلطة الحاكمة في المملكة على اتباع سياسة الإمارات في تمزيق اليمن، وهي كما قلنا تواجهها كل تلك المشاكل التي ستنفجر في وجهها، إضافة إلى العلاقات الجديدة التي تشكل المنطقة سواء التوتر في العلاقة السعودية الأمريكية وبروز علاقات جديدة، إضافة إلى التطبيع مع الكيان الإسرائيلي والعلاقة مع إيران، كل هذه الملفات لن تمكن السعودية من الصمود أمام كل ذلك، مالم تكن حدودها الجنوبية متماسكة.

فهل يعي متخذ القرار في المملكة أن الإصرار على تفكيك اليمن يجعل السعودية أمام انكشاف غير مسبوق، ولن يكون لديها أي نظام مناعي يحمي نواتها الصلبة أو على الأقل يدرأ عنها خطر الفوضى أو التفكيك، ولن تكون الإمارات بمنأى عن هذا التفكيك والرجوع إلى سلطنة عمان، وستنبعث الخلافات الحدودية في منطقة الخليج المدفونة تحت الرمال إلى الوجود، مهما حاولت الإمارات تزوير تاريخها وصناعة تاريخ على حساب أصحابه.

اقرأ أيضاً
X